هناك طرق علميَّة تسير فيها اختباراتُ الفرضيَّات، وهي ما تسمَّى أحياناً قواعد تصميم التجارب واختبارها، فقد درس ميل Mill مشكلة الأسباب التي يتناولها البحث التجريبيُّ وتوصَّل إلى قواعدَ خمسٍ يمكن أن تفيد كمرشد في تصميم التجارب واختبار الفرضيَّات والبحث عن تلك الأسباب، ولكن ميل Mill حذَر من أنَّ هذه القواعد ليست جامدةً كما أنَّها لا تصلح للتطبيق في جميع الحالات، وفيما يلي تلك الطرق والقواعد:
وهي طريقة تعترف بمبدأ السببيَّة العام المتمثِّل في أنَّ وجود السبب يؤدِّي إلى وجود النتيجة، وتشير هذه الطريقة إلى أنَّه إذا كانت الظروف المؤدِّية إلى حدث معيَّن تتَّحدُ جميعاً في عامل واحد مشترك فإنَّ هذا العامل يحتمل أن يكون هو السبب، وبمعنى آخر يمكن التعبير عن هذه الفكرة بالطريق السلبيَّة بالقول: بأنَّه لا يمكن أن يكون شيءٌ معيَّن هو سبب ظاهرة معيَّنة إذا كانت هذه الظاهرة تحدث بدونه، والصعوبة التي تواجه الباحث عند استخدامه طريقة الاتِّفاق تقع في تمييزه بين العوامل ذات الدلالة وذات العلاقة بالمشكلة والعوامل التي ليس لها أي دلالة أو علاقة بالمشكلة، ومعنى ذلك أنَّه لا بدَّ له أن يتحرَّى عن السبب الحقيقيِّ وأن يفصله عن السبب الظاهر.
وتسير طريقة التباين أو الاختلاف في المقارنة بين حالتين متشابهتين في جميع
الظروف ما عدا ظرف واحد يتوفَّر في إحدى الحالتين فقط، بينما لا يوجد في الحالة الأخرى وتكون هذه الظاهرة نتيجة أو سبباً لهذا الاختلاف، وهذا يعتمد أيضاً على مبدأ السببيَّة العام المتمثِّل في أنَّ وجود السبب يؤدِّي إلى وجود النتيجة، ويمكن التعبير عن ذلك بطريقة سلبيَّة بالقول: بأنَّه لا يمكن أن يكون شيءٌ معيَّن هو سبب ظاهرة معيَّنة إذا كانت هذه الظاهرة لا تحدث في وجوده، وعلى كلِّ حال فيمكن القول: إنَّ الظروف المتشابهة بالنسبة لجميع العوامل فيما عدا عامل واحد أو متغيِّر واحد ظروف نادرة بالنسبة للعلوم السلوكيَّة، وهذا ما استدعى من القائمين بالبحوث كفالة الضمانات المطلوبة حتى تؤدِّي هذه الطريقة إلى نتائج موثوق بها وإلى تصميم التجارب بنجاح.
تستخدم بتطبيق الطريقتين السابقتين لاختبار الفرضيَّات، فيحاول الباحث أولاً بتطبيق
طريق الاتِّفاق العثور على العامل المشترك في جميع الحالات التي تحدث فيها الظاهرة، ثمَّ يطبِّق طريقة الاختلاف أي أن يتقرَّر لدى الباحث أنَّ الظاهرة لا تحدث أبداً عند عدم وجود هذا العامل المعيَّن، فإذا أدَّت كلا الطريقتين إلى نفس النتيجة فإنَّ الباحث يكون واثقاً إلى حدٍّ كبير أنَّه وجد السبب.
حيث تبيَّن أنَّ بعض مشكلات البحوث لا تحلُّ بأيٍّ من الطرق السابقة، فإنَّ ميل Mill قدَّم طريقة العوامل المتبقِّية للعثور على السبب عن طريق الاستبعاد، وهذه الطريقة قد تسمَّى طريقة المرجع الأخير، وهي أنَّه في حالة أن تكون مجموعة من المقدِّمات تؤدِّي إلى مجموعة من النتائج، فإذا أمكن إرجاع كلِّ النتائج ما عدا نتيجة واحدة إلى جميع المقدِّمات فيما عدا مقدِّمة واحدة أمكن ربط تلك المقدِّمة الباقية بتلك النتيجة الباقية؛ ممَّا يكشف أو يرجِّح وجود علاقة بينهما أي بين المقدِّمة والنتيجة الباقيتين.
1- طريقة الاتِّفاق:
وهي طريقة تعترف بمبدأ السببيَّة العام المتمثِّل في أنَّ وجود السبب يؤدِّي إلى وجود النتيجة، وتشير هذه الطريقة إلى أنَّه إذا كانت الظروف المؤدِّية إلى حدث معيَّن تتَّحدُ جميعاً في عامل واحد مشترك فإنَّ هذا العامل يحتمل أن يكون هو السبب، وبمعنى آخر يمكن التعبير عن هذه الفكرة بالطريق السلبيَّة بالقول: بأنَّه لا يمكن أن يكون شيءٌ معيَّن هو سبب ظاهرة معيَّنة إذا كانت هذه الظاهرة تحدث بدونه، والصعوبة التي تواجه الباحث عند استخدامه طريقة الاتِّفاق تقع في تمييزه بين العوامل ذات الدلالة وذات العلاقة بالمشكلة والعوامل التي ليس لها أي دلالة أو علاقة بالمشكلة، ومعنى ذلك أنَّه لا بدَّ له أن يتحرَّى عن السبب الحقيقيِّ وأن يفصله عن السبب الظاهر.
2- طريقة الاختلاف:
وتسير طريقة التباين أو الاختلاف في المقارنة بين حالتين متشابهتين في جميع
الظروف ما عدا ظرف واحد يتوفَّر في إحدى الحالتين فقط، بينما لا يوجد في الحالة الأخرى وتكون هذه الظاهرة نتيجة أو سبباً لهذا الاختلاف، وهذا يعتمد أيضاً على مبدأ السببيَّة العام المتمثِّل في أنَّ وجود السبب يؤدِّي إلى وجود النتيجة، ويمكن التعبير عن ذلك بطريقة سلبيَّة بالقول: بأنَّه لا يمكن أن يكون شيءٌ معيَّن هو سبب ظاهرة معيَّنة إذا كانت هذه الظاهرة لا تحدث في وجوده، وعلى كلِّ حال فيمكن القول: إنَّ الظروف المتشابهة بالنسبة لجميع العوامل فيما عدا عامل واحد أو متغيِّر واحد ظروف نادرة بالنسبة للعلوم السلوكيَّة، وهذا ما استدعى من القائمين بالبحوث كفالة الضمانات المطلوبة حتى تؤدِّي هذه الطريقة إلى نتائج موثوق بها وإلى تصميم التجارب بنجاح.
3- طريقة الاشتراك:
تستخدم بتطبيق الطريقتين السابقتين لاختبار الفرضيَّات، فيحاول الباحث أولاً بتطبيق
طريق الاتِّفاق العثور على العامل المشترك في جميع الحالات التي تحدث فيها الظاهرة، ثمَّ يطبِّق طريقة الاختلاف أي أن يتقرَّر لدى الباحث أنَّ الظاهرة لا تحدث أبداً عند عدم وجود هذا العامل المعيَّن، فإذا أدَّت كلا الطريقتين إلى نفس النتيجة فإنَّ الباحث يكون واثقاً إلى حدٍّ كبير أنَّه وجد السبب.
4- طريقة البواقي:
حيث تبيَّن أنَّ بعض مشكلات البحوث لا تحلُّ بأيٍّ من الطرق السابقة، فإنَّ ميل Mill قدَّم طريقة العوامل المتبقِّية للعثور على السبب عن طريق الاستبعاد، وهذه الطريقة قد تسمَّى طريقة المرجع الأخير، وهي أنَّه في حالة أن تكون مجموعة من المقدِّمات تؤدِّي إلى مجموعة من النتائج، فإذا أمكن إرجاع كلِّ النتائج ما عدا نتيجة واحدة إلى جميع المقدِّمات فيما عدا مقدِّمة واحدة أمكن ربط تلك المقدِّمة الباقية بتلك النتيجة الباقية؛ ممَّا يكشف أو يرجِّح وجود علاقة بينهما أي بين المقدِّمة والنتيجة الباقيتين.